قرار إعادة جدولة الديون تجاه صندوق الضمان الاجتماعي ... متنفس هام للأندية التونسية للخروج من الضائقة المالية
تعيش أغلب الأندية التونسية منذ سنوات على وقع مصاعب مالية كبيرة بسبب تراكم الديون المتخلدة بذمتها تجاه عديد الأطراف من لاعبين ومدربين ومزودين وهياكل ومنشات تابعة للدولة مما جعلها تحت طائلة عقوبات مختلفة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بالمنع من الانتداب لتصل الان الى امكانية الاستبعاد من المشاركة في البطولات الوطنية والمسابقات القارية في حال عدم تسوية نزاعاتها المادية العالقة مع مختلف الدائنين.
ومع اقتراب الاجال القانونية التي حددتها الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم "كاف" عن طريق الجامعة التونسية لكرة القدم للأندية من أجل تقديم ما يفيد خلاص ديونها او ما يثبت توصلها الى اتفاقيات مع مديونيها بإعادة جدولتها وذلك قبل انطلاق الموسم الرياضي 2025-2026 حتى يتسنى لها الحصول على اجازات المشاركة في بطولة الرابطة المحترفة الاولى المقررة جولتها الافتتاحية يومي 9 و10 اوت القادم، سارعت الدولة الى اتخاذ جملة من الإجراءات التي من شانها ان تساهم في معاضدة جهود النوادي في فك جزء من ازمتها المالية حفاظا على ديمومتها من منطلق الوعي بأهمية دورها المجتمعي والتربوي.
ويتنزل قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد بتاريخ 29 جويلية 2025 تمكين الجمعيات الرياضية من جدولة ديونها تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وذلك بتقسيطها على مدى 5 سنوات في إطار الحرص على مزيد تحفيف الأعباء على النوادي وخلق متنفس لها للخروج من الضائقة المالية التي تمر بها.
وفي هذا السياق، افاد معز المستيري المتحدث الرسمي باسم الجامعة التونسية لكرة القدم في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء ان المكتب الجامعي تلقى بكل ارتياح هذا القرار الرئاسي الذي يقيم وفق تعبيره الدليل على ما تحظى به كرة القدم التونسية من اهتمام من اعلى هرم السلطة مشيرا الى تداعياته الإيجابية على كافة الأندية التونسية اذ سيساعدها على سداد مستحقات كل الدائنين في أريحية وسيمنحها فرصة إضافية ومهمة من اجل ترسيخ ثقافة السلامة المالية.
وأضاف ان هذا القرار ستكون له كذلك انعكاسات ملموسة على الأندية التونسية المشاركة في مختلف المسابقات الأفريقية معربا في هذا الصدد عن الامل في ان تلتزم النوادي بكل حيثيات الجدولة وتواريخها من اجل تحقيق استقرار مالي وإداري مستمر.
وتابع ان المكتب الجامعي منخرط في كل توجهات الدولة ويعمل على تطوير المشهد الكروي في تناغم تام مع سلطة الاشراف وكل النوادي بما من شانه ان يعود بالنفع على كرة القدم التونسية ويساهم في مزيد اشعاعها وتعزيز مكانتها على الصعيد الإقليمي والقاري والدولي.
ومن جهته، أعرب رئيس الهيئة التسييرية للنادي الرياضي البنزرتي سمير يعقوب في تصريح ل"وات" عن عميق تقدير كافة مكونات النادي لقرار رئيس الجمهورية في علاقة بجدولة ديون الجمعيات الرياضية لمصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مبينا ان هذا الاجراء سيمكن الفريق من توفير السيولة المالية الواجبة لمعالجة أجزاء من بقية ديونه المتراكمة لدى المتعاملين معه من لاعبين خاصة وفض اشكال المنع من الانتداب علاوة على تامين كل الظروف لإنجاح بقية فترة التحضيرات للموسم المقبل والانطلاق في مرحلة البطولة في أفضل الظروف.
كما دعا الى ضرورة الإسراع بإصدار قانون الهياكل الرياضية مع افراد الجمعيات الرياضية بتشريعات خصوصية تتماشى وواقع الرياضة التونسية وتطور النشاط الرياضي على المستوى الدولي وتساعد على إرساء مناهج التسيير الإداري المحكم وقواعد التصرف المالي السليم.
بدوره، ثمن صابر حرز الله رئيس الهيئة التسييرية للاتحاد المنستيري اللفتة الرئاسية بجدولة ديون الجمعيات الرياضية المتخلدة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على مدى 5 سنوات قائلا ان هذا القرار من شانه ان يمنح النوادي التونسية جرعة من الاكسيجين في سعيها للخروج من دوامة العجز المالي من خلال تحويل جانب من المبلغ الجملي الذي كان محمولا عليها سداده لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي نحو فض نزاعات أخرى.
واكد في تصريح لوكالة "وات" على أهمية الانتهاء في اقرب الاجال من صياغة قانون الهياكل الرياضية لما ينطوي عليه هذا المشروع من أهمية بالغة في تغيير واقع المشهد الرياضي في تونس ومسايرته التحولات العميقة التي ما فتئت تعرفها الرياضة على المستوى العالمي وذلك عبر تحويل الجمعيات الرياضية الى شركات تجارية ربحية بما يساهم في تعزيز عائداتها وتنويع مواردها ومداخيلها بما يضفي اكثر استقرارا على توازناتها المالية.
وتبقى الاندية التونسية مدعوة مستقبلا واكثر من اي وقت مضى الى ضرورة مزيد ارساء مبادئ الحوكمة الرشيدة في علاقة بمعاملاتها المالية وهيكلتها الادارية والفنية للقطع مع كافة مظاهر التسيير المؤقت ودرء هاجس الازمات الخانقة.